شكل غياب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن اللقاء الأول المتعلق بالتحضير للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، علامة استفهام سياسية بارزة ومثيرة، خاصة في ظل السياق الدقيق والحساس الذي تمر به البلاد، والمكانة الرمزية لهذا اللقاء الذي انعقد بمبادرة من وزارة الداخلية وتفعيلاً لمضامين خطاب العرش الأخير.
عادةً، كان رؤساء الحكومات المتعاقبون على رأس مثل هذه المحطات الانتخابية المفصلية، لكن هذه المرة، لم يحضر أخنوش، ما طرح تساؤلات كثيرة حول معنى ودلالة هذا "الغياب الهادئ".
اللقاء الذي جمع وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بزعماء الأحزاب السياسية، يوم السبت، يأتي في سياق توجيه ملكي واضح يروم الإعداد الجيد والمحكم للاستحقاق الانتخابي المقبل.
كما يفترض، سياسياً ومؤسساتياً، أن يكون رئيس الحكومة هو من يعطي الانطلاقة لهذا المسار، باعتباره المسؤول الأول عن التنسيق مع الأحزاب، وعن ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها.
لكن هذا لم يحدث...
فرئيس الحكومة غاب، دون أي توضيح رسمي أو حتى تلميح من المقربين منه، وهذا الغياب لم يكن مجرد مسألة بروتوكولية، بل هو غياب سياسي بمعناه العميق، خصوصاً وأن الاجتماع لم يكن عادياً، بل مناسبة مفصلية لتجديد الثقة في الآليات الديمقراطية، في زمن حساس داخلياً وخارجياً.
وهنا يطرح التساؤل: هل هي بداية الانكماش السياسي لرئيس الحكومة؟ وهل يمثل هذا الغياب إشارة إلى أن مسار "الثقة" الذي بنى عليه حزبه حملته الانتخابية بدأ يفقد زخمه حتى قبل نهاية الولاية؟
لا شك أن الأسئلة أكثر من الأجوبة في هذا الباب، لكن المؤكد أن غياب أخنوش عن حدث بهذه الأهمية لا يمكن قراءته إلا ضمن سياق سياسي أوسع.
المؤكد أيضا أن الغياب في السياسة ليس مجرد موقف، بل رسالة.
والرسالة التي حملها غياب عزيز أخنوش عن اللقاء التحضيري للانتخابات لا يمكن فصلها عن مناخ عام من التردد السياسي، وربما عن بداية فتور العلاقة بين الحكومة والرأي العام، أو حتى بين رئيس الحكومة وبعض دوائر القرار.
إن تحضير الانتخابات ليس شأناً إدارياً فحسب، بل هو ورشة وطنية تتطلب حضوراً سياسياً قوياً ومسؤولاً... لذا فإن غياب أخنوش يبقى حدثاً سياسيا يستحق الانتباه في هذه اللحظة السياسية المفصلية.
